اقرأ عن هذه الحالة المحيِّرة التي تسبب شعور الأشخاص بالألم في موضع بَتر أحد أجزاء الجسم. تتوفر العديد من طرق العلاج.
الألم الوهمي هو الألم الذي يبدو أنه يأتي من جزء من الجسم لم يعد موجودًا. اعتقد الأطباء ذات مرة أن ظاهرة ما بعد البتر هذه كانت مشكلة نفسية، لكن الخبراء يدركون الآن أن هذه الأحاسيس الحقيقية تنشأ في النخاع الشوكي (الحبل النخاعي) والدماغ.
يفيد معظم الناس الذين أُزيل طرف خاص بهم أنهم في بعض الأحيان يشعرون أن الطرف المبتور ما زال موجودًا. هذه الظاهرة غير المؤلمة، والمعروفة باسم الإحساس بالأطراف الوهمية، ليست هي نفسها الألم الوهمي.
يتحسَّن الألم الوهمي عند بعض الناس مع مرور الوقت وبدون علاج. وعند البعض الآخر، من الممكن للسيطرة على الألم الوهمي أن يكون تحديًا. بإمكانك أنت وطبيبك العمل سويًّا لعلاج الألم الوهمي بفعالية باستخدام الأدوية أو غيرها من العلاجات.
من المواصفات المميزة للألم الوهمي:
السبب الدقيق للألم الوهمي غير واضح، ولكن يُعتقد أن مصدره النخاع الشوكي والدماغ. أثناء التصوير بالأشعة -مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني-، يظهر نشاط بأجزاء من الدماغ التي كانت مرتبطة بأعصاب الطرف المبتور عندما يشعر الشخص بالألم الوهمي.
ويعتقد العديد من الخبراء أن الألم الوهمي يمكن تفسيره جزئيًا كاستجابة لإشارات مختلطة من الدماغ. فبعد عملية البتر، تفقد مناطق النخاع الشوكي والدماغ المدخلات من الطرف المبتور وتتكيف مع هذا الفصل بطرق لا يمكن التنبؤ بها. كما يمكن أن تحفز هذه النتيجة الرسالة الأساسية للجسم أن هناك شيئا ما خطأ، وهي: الألم.
وتبين الدراسات أيضًا أنه بعد عملية البتر، قد يعيد الدماغ رسم هذا الجزء من الدوائر الحسية في جزء آخر من الجسم. وبعبارة أخرى، نظرًا لأن المنطقة المبتورة لم تعد قادرة على تلقي المعلومات الحسية، فتُحال المعلومات إلى مكان آخر، من اليد المبتورة إلى الخد مثلاً.
لذلك عندما يُلمس الخد، ينتقل الإحساس كما لو أن اليد المبتورة تتعرض للمس أيضًا. ويمثل هذا الوضع شكلاً آخر لطريقة عمل الخلايا الحسية المتشابكة، والنتيجة هي الشعور بالألم.
ويُعتقد أن هناك عدد من العوامل الأخرى التي تساهم في الألم الوهمي، بما في ذلك النهايات العصبية التالفة، والندبات في موضع البتر والذاكرة المادية للألم قبل عملية البتر في المنطقة المصابة. وقد يتسبب الطرف الاصطناعي سيئ التثبيت كذلك في الشعور بالألم، على الرغم من أن هذا يُعد عادة سببًا للألم في الجزء المتبقي من الطرف المبتور.
لا يشعر كل الأشخاص الذين بُتِرت أطرافهم بالألم الوهمي. تشمل العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالألم الوهمي الآتي:
حيث إن خطر الإصابة بالألم الوهمي أعلى للأشخاص الذين عانوا من ألم في الطرف قبل بتره؛ لذا يوصي بعض الأطباء بالتخدير الموضعي (التخدير النخاعي أو التخدير في منطقة فوق الجافية) في الساعات أو الأيام التي تسبق البتر. وذلك قد يقلل الألم فورًا بعد الجراحة ويقلل من استمرار ألم الطرف الوهمي.
على الرغم من عدم وجود فحص طبي لتشخيص الألم الوهمي، يُعرِّف الأطباء الحالة بِناءً على أعراضكَ وظروفكَ، مثل الإصابة أو الجراحة التي حدثت قبل بَدء الشعور بالألم.
يمكن أن يساعد وصف ألمكَ بدقَّة، طبيبكَ لتحديد مشكلتكَ. على الرغم أنه من الشائع أن يكون لديكَ ألم وهمي وآلام الأطراف المتبقية معًا، فقد يختلف علاج هاتين المشكلتين — لذلك فإن التشخيص الدقيق مُهم.
قد يكون من الصعب العثور على علاج لتخفيف الألم الوهمي. يبدأ الأطباء عادة بالأدوية ثم يضيفون علاجات غير باضعة، مثل الوخز بالإبر.
تشمل خيارات العمليات الجراحية الأكثر توغلًا الحقن أو الأجهزة المزروعة. تُجرَى الجراحة بوصفها حلًا أخيرًا.
على الرغم من عدم وجود أدوية خاصة بالألم الوهمي، فإن بعض الأدوية المصممة لعلاج حالات أخرى أثبتت فعاليتها في تخفيف آلام الأعصاب. لا يصلُح دواء واحد للجميع، ولا يستفيد الجميع من الأدوية. ربما تحتاج إلى تجربةِ أدويةٍ مختلفة قبل أن تجد الذي يناسبكَ.
الأدوية المستخدمة في علاج الألم الوهمي تشمل:
المخدرات. قد تكون الأدوية الأفيونية، مثل الكودايين والمورفين، خيارًا لبعض الأشخاص. إذا تم تناوُلها بجرعات مناسبة تحت إشراف الطبيب، فقد تساعد في السيطرة على الألم الوهمي.
ومع ذلكَ، قد لا تتمكن من تناوُلها إذا كان لديكَ تاريخ من تعاطي المخدرات. حتى لو لم يكن لديكَ تاريخ من تَعاطي المخدرات، فإن هذه الأدوية يمكن أن تسبِّب العديد من الآثار الجانبية، بما في ذلكَ الإمساك والغثيان والقيء أو التهدئة.
مناهضات مستقبلات ن-مثيل-د-أسبارتات (NMDA). تعمل هذه الفئة من المسكنات عن طريق الارتباط بمستقبلات ن-مثيل-د-أسبارتات (NMDA) الموجودة على الخلايا العصبية في الدماغ ومنع نشاط الغلوتامات، وهو بروتين يؤدي دورًا كبيرًا في نقل إشارات الأعصاب.
بحسب الدراسات، كان كيتامين وديكستروميثورفان مناهضات مستقبلات ن-مثيل-د-أسبارتات (NMDA) فعالة في تخفيف الألم الوهمي. الآثار الجانبية للكيتامين تشمل التخدير الخفيف، والهلوسة أو فقدان الوعي. لم يُبلَغ عن أي آثار جانبية من استخدام ديكستروميثورفان.
وكما هو الحال مع الأدوية، فإن علاج الألم الوهمي مع العلاجات غير الموسعة هو مسألة تجربة وملاحظة. قد تخفف التقنيات التالية الألم الوهمي لدى بعض الأشخاص:
صندوق المرآة. يحتوي هذا الجهاز على مرايا تجعله يبدو وكأنه طرف مبتور. يحتوي صندوق المرآة على فتحتين - واحدة للطرف السليم والآخر للطرف المتبقي.
يقوم الشخص بعد ذلك بتمارين متناظرة، بينما يشاهد حركة الأطراف سليمة ويتخيل أنه يلاحظ بالفعل تحرك الطرف المفقود. بعض الدراسات، وإن لم تكن كلها، قد وجدت أن هذا التمرين قد يساعد في تخفيف الألم الوهمي.
التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة (rTMS). يستخدم هذا العلاج لفائف كهرومغناطيسية موضوعة على الجبهة. يتم إرسال نبضات قصيرة من خلال الملف الذي يسبب تيارات كهربائية صغيرة في الأعصاب الموجودة في المنطقة المستهدفة تحديدًا في الدماغ.
تشير الأبحاث إلى أن هذا العلاج قد يكون مفيدًا لعلاج الألم الوهمي، على الرغم من أنه لم يتم اعتماده لهذه الحالة على وجه الخصوص. يشبه المجال المغناطيسي المجال المستخدم في فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي. قد تشمل الآثار الجانبية صداع خفيف أو دوار.
قد يكون التدخل الجراحي خيارًا إذا لم تساعد العلاجات الأخرى. تتضمَّن الحلول الجراحية:
تشمل الطرق الأحدث الهادفة لتخفيف الألم الوهمي استخدام نظّارة الحقيقة الافتراضية. يعمل البرنامج الكمبيوتري المستخدم في النظارة على محاكاة الطرف السليم لدى الشخص، وهكذا يبدو وكأنه لم يحدث له بتر. وبعدئذٍ يحرِّك الشخص طرفه الافتراضي لكي يؤدي به مهام مختلفة، مثل ضرب كرة تطير في الهواء.
وعلى الرغم من أن اختبار هذه التقنية كان يقتصر على مجموعة محدودة من الأشخاص، فإنها تساعد فيما يبدو على تخفيف الألم الوهمي.
قد لا تستطيع السيطرة على الإحساس بألم وهمي بعد الجراحة، ولكن يمكنك تقليل انزعاجك وتحسين طريقة العيش الخاصة بك. قد تساعدك طريقة أو أكثر من هذه الطرق في اجتياز الألم الوهمي:
تذكَّر أن التحكم في الألم الوهمي قد يصنع فرقًا كبيرًا في كيفية إحساسك. إذا لم تقدم إحدى الطرق الراحة لك، فجرِّب شيئًا آخر ولا تستسلم.
تَعَلُّم الحياة بدون أحد الأطراف، بالأخص إذا كنت تعاني من ألم وهمي، قد يكون تحديًا. الاكتئاب عادة ما يصاحب الألم. قد يساعدك التحدث إلى أحد المستشارين أو المعالجين النفسيين.
مجموعات الدعم بالحضور الشخصي أو عبر الإنترنت قد تجعلك على اتصال بالآخرين الذين يعلمون ما تمُرُّ به. للعثور على الدعم، اطلب من طبيبك الإحالة، إما لمستشار أو لمجموعة دعم.
يمكن أيضًا الاتصال بائتلاف مبتوري الأطراف (Amputee Coalition) في www.amputee-coalition.org للمعلومات حول شبكة النظراء القومية، والتي قد تجعلك على اتصالك بمجموعة من خدمات الدعم، بما في ذلك برنامج الزائر النظير (Peer Visitor Program). قد يصلك هذا البرنامج بشخص كان في نفس وضعك ويمكنه التحدُّث معك عن الشفاء، مشاركتك خبراته، وتوفير النصيحة لك.
September 24th, 2021