التصلّب الجانبي الأوّلي (PLS)


يسبب داء العصبون الحركي تحلل الأعصاب الموجودة داخل الدماغ ببطء؛ ومن ثم ضعف العضلات، وبخاصة في الساقين والذراعين واللسان.


التصلُّب الجانبي الأولي أحد أنواع مرض العصبون الحركي الذي يصيب الخلايا العصبية في الدماغ المسؤولة عن الحركة بالفشل مع مرور الوقت. يتسبَّب التصلُّب الجانبي الأولي في ضعف العضلات الإرادية، مثل تلك المستخدمة للتحكُّم في ساقيكَ، وذراعكَ ولسانكَ. قد تواجه مشكلات في الحركة مثل صعوبة الحفاظ على التوازن وبطء الحركة والترنّح. وقد تواجه في النهاية مشكلات عند المضغ والبلع والتحدّث.

يُمكن أن تصيب هذه الحالة المرضية النادرة الإنسان في أي سن، لكنها تصيب الأشخاص عادةً بين 40 و60 عامًا. وهي شائعة لدى الذكور أكثر من الإناث. يوجد نوع ثانوي نادر جدًا من مرضالتصلب الجانبي الأولي يُعرف باسم التصلُّب الجانبي الأولي اليفعي، ويصيب الأشخاص في مرحلة مبكرة من الطفولة، وينتج عن جين شاذ ينتقل من الوالدين إلى الأطفال.

يُخلط عادةً بين التصلب الجانبي الأولي ومرض آخر أكثر شيوعًا من أمراض العصبون الحركي يُسمى بمرض التصلب الجانبي الضموري. ورغم أن التصلب الجانبي الأولي يرتبط على الأرجح بالتصلب الجانبي الضموري، إلّا إن التصلب الجانبي الأولي يتطور بوتيرة أبطأ من التصلب الجانبي الضموري كما أنه غير مميت في أغلب الحالات.


عادةً ما تستغرق مؤشرات التصلب الجانبي الأولي وأعراضه عدة سنوات لتتطور، وتبدأ بصفة عامة في الساقين. وفي حالات نادرة، يبدأ التصلب الجانبي الأولي في اللسان أو اليدين، ثم ينتقل إلى الحبل النخاعي نزولاً إلى الساقين. غير أن آثار المرض تتفاوت بشكل كبير من شخص إلى آخر. ومن مؤشرات المرض وأعراضه ما يلي:

  • تيبّس عضلات الساق وضعفها وتقلصها (فرط التوتر التشنُّجي)، والذي يبدأ في حالات نادرة بإحدى الساقين، ثم يتطور فيما بعد ليصيب الذراعين واليدين واللسان والفك
  • بطء الحركة
  • الترنح والتعثر وصعوبة التوازن
  • ارتعاش اليد
  • بحّة الصوت وبطء الكلام وتداخله وسيلان اللعاب
  • صعوبة المضغ والبلع
  • اضطراب الانفعالات (تقلب المزاج) المتكرر والسريع والحاد في بعض الأحيان
  • في حالات نادرة، مشاكل في التنفس والمثانة في مراحل متأخرة من المرض

متى تزور الطبيب؟

حدد موعدًا لزيارة طبيبك إذا كانت لديك مشاكل متواصلة تتمثل في تيبس ساقيك أو ذراعيك أو ضعفهما أو إذا كنت تعاني من مشاكل في البلغ أو القدرة على الكلام.

إذا كان لدى طفلك تشنُّجات عضلية لا إرادية أو يبدو أنه يفقد توازنه غالبًا أكثر من المعتاد، فحدد موعدًا مع أحد أطباء الأطفال لتقييم حالته.


تُصاب الخلايا العصبية في الدماغ المتحكمة في الحركة (العصبونات الحركية العلوية)، عند الإصابة بمرض التصلُّب الجانبي الأولي، بالارتخاء ببطء والفشلِ مع مرورِ الوقت. يَنتُج عن ذلك عدم قدرة الأعصاب على تنشيط الخلايا العصبية الحركية في الحبل النخاعي التي تتحكَّم في العضلات. تُسبب هذه الخسارة مشكلات في الحركة مثل صعوبة الاتزان والضعف وبطء الحركة والترنّح ومشكلات في النطق والبلع.

التصلب الجانبي الأولي الذي يبدأ من سن البلوغ

ما زال سبب الإصابة بالتصلب الجانبي الأولي الذي يبدأ في مرحلة الطفولة مجهولاً. وفي معظم الحالات، لا يُصنَّف على أنه مرض وراثي، ومن غير المعروف سبب حدوثه أو كيفية بدء الإصابة به.

التصلُّب الجانبي الأولي اليفعي

يحدث مرض التصلُّب الجانبي الأولي اليفعي بسبب طفرات في جين ALS2 (التصلُّب الجانبي الضموري 2).

على الرغم من عدم فهم الباحثين لكيفية تسبُّب هذا الجين في الإصابة بالمرض، لكنهم يعلمون أن جين ALS2 يُعطي التعليمات لتكوين بروتين Alsin، والذي يظهر في خلايا العصبونات الحركية. وعندما تتغيَّر التعليمات لدى الشخص المصاب بمرض التصلُّب الجانبي الأولي اليفعي، يصبح بروتين Alsin غير مستقر ولا يعمل بطريقة سليمة، وهو ما يسبب بدوره خللاً في وظيفة العضلة الطبيعية.

يُعد التصلُّب الجانبي الأولي اليفعي مرضًا صبغيًّا جسديًّا متنحِّيًا؛ ما يعني أن كلا الوالدين يجب أن يكونا حاملين للجين حتى يُورَّث للطفل، على الرغم من عدم إصابة كل منهما بالمرض.


قد يستغرق تفاقم مرض التصلب الجانبي الأولي في المتوسط ما يصل إلى 20 عامًا، وتتفاوت آثاره تفاوتًا كبيرًا من شخص لآخر. قد يظل البعض قادرين على المشي، ولكن سيحتاج البعض الآخر إلى استخدام الكراسي المتحركة أو غيرها من الأجهزة المساعدة في نهاية المطاف.

لا يُعتقد في أغلب الحالات أن التصلب الجانبي الأولي لدى البالغين يُقصِّر متوسط العمر المتوقع، ولكنه قد يؤثر تدريجيًا على جودة الحياة ويصبح عدد العضلات المعاقة أكبر. ويمكن أن تسبب العضلات الضعيفة إلى السقوط، ما قد ينتج عنه إصابات. وقد تسبب مشكلات المضغ والبلع سوء التغذية. وربما يصبح أداء الأنشطة المعيشية اليومية كالاستحمام وارتداء الملابس عسيرًا.


لا يوجد اختبار واحد يؤكد تشخيص التصلب الجانبي الأولي. في حقيقة الأمر، من المرجح أن يطلب منك الطبيب إجراء العديد من الاختبارات لاستبعاد الأمراض الأخرى؛ نظرًا لتشابه مؤشرات المرض وأعراضه مع بعض الأمراض العصبية الأخرى، مثل التصلب المتعدد والتصلب الجانبي الضموري.

بعد أن يطلع طبيبك بعناية على تاريخك الطبي والعائلي ويُجري لك فحصًا عصبيًا، قد يطلب منك إجراء الاختبارات التالية:

  • فحص الدم. ستُجرى لك اختبارات الدم للبحث عن أي عدوى أو أي أسباب أخرى محتملة لضعف العضلات.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي. قد يكشف التصوير بالرنين المغناطيسي أو اختبارات التصوير الأخرى للدماغ أو العمود الفقري عن مؤشرات تنكس الخلايا العصبية. يمكن أيضًا أن يُظهر التصوير بالرنين المغناطيسي أسبابًا أخرى لأعراضك، مثل التشوهات الهيكلية أو التصلب المتعدد أو أورام الحبل النخاعي.
  • تخطيط كهربية العضل. أثناء تخطيط كهربية العضل، يُدخل طبيبك قطبًا صغيرًا يشبه الإبرة عبر الجلد إلى العضلات المختلفة. يقيِّم الاختبار النشاط الكهربي لعضلاتك عند الانقباض والانبساط. ويقيس هذا الاختبار أيضًا مدى تضرر الخلايا العصبية الحركية السفلية، فيساعد في التفريق بين التصلب الجانبي الأولي، وهو مرض يُصيب الخلايا العصبية الحركية العلوية، والتصلب الجانبي الضموري الذي يؤثر على الخلايا العصبية الحركية العلوية والسفلية.
  • دراسات توصيل الأعصاب. تستخدم هذه الاختبارات مستوى منخفض من التيار الكهربائي لقياس مدى قدرة أعصابك على إرسال نبضات إلى العضلات في مناطق مختلفة من الجسم. يمكن أن يحدد هذا الاختبار ما إذا كنت مصابًا بتلف في الأعصاب أم لا.
  • البزل النخاعي (البزل القَطني). يُدخل الطبيب إبرة رفيعة مجوَّفة في القناة النخاعية للحصول على عينات صغيرة من السائل المحيط بالدماغ والحبل النخاعي (السائل النخاعي) لفحصها في المختبر. يمكن أن يساعد البزل النخاعي في استبعاد التصلب المتعدد والعدوى والحالات الأخرى.

قد ينتظر الأطباء أحيانًا 3 إلى 4 سنوات قبل تقديم التشخيص النهائي؛ لأن التصلب الجانبي الضموري المبكر يمكن أن يُشبه تمامًا التصلب الجانبي الأولي إلى أن تظهر أعراض إضافية بعد سنوات قليلة. وقد يُطلب منك العودة لتكرار اختبارات تخطيط كهربية العضل خلال 3 إلى 4 سنوات قبل تأكيد تشخيص الإصابة بمرض التصلب الجانبي الأولي.

قد يُجرى اختبار الجينات عند الاشتباه في الإصابة بالتصلب الجانبي الضموري اليفعي. وقد يُنصح أيضًا بالاستشارات الجينية.


لا توجد طرق لعلاج التصلب الجانبي الأولي أو إيقافه أو التعافي منه. يتضمن العلاج، الذي يركز على تخفيف الأعراض والحفاظ على الأداء، ما يلي:

الدواء

قد يصف طبيبك أدوية لتخفيف الأعراض التالية:

  • التشنجات العضلية. يمكن تخفيف التشنجات العضلية (الشُناج) باستخدام أدوية مثل باكلوفين أو تيزانيدين (Zanaflex) أو كلونازيبام (Klonopin). وتُؤخذ هذه الأدوية عن طريق الفم.

    إذا لم تسيطر الأدوية الفموية على حالة التشنج، فقد يوصي الطبيب بإجراء جراحة لزرع مضخة طبية لضخ دواء باكلوفين مباشرةً إلى السائل النخاعي (باكلوفين داخل القِراب).

  • التغيرات النفسية. إذا كنت تشعر بتقلبات متكررة وسريعة وحادة في مزاجك، فقد يصف لك الطبيب مضادات الاكتئاب.
  • سيلان اللعاب. قد يخفف أميتريبتيلين أو أي أدوية أخرى من سيلان اللعاب.

العلاج الطبيعي والعلاج المهني

قد تساعد تمارين الإطالة والتقوية في الحفاظ على قوة العضلات ومرونتها ونطاق حركتها، وكذلك الوقاية من جمود المفاصل.

علاج أمراض النطق واللغة

في حالة تأثر عضلات الوجه بالتصلب الجانبي الأولي، فإن معالجة النطق قد تساعد المريض على التواصل مع الآخرين وعلاج مشاكل البلع لديه.

الدعم الغذائي

إذا واجهت صعوبات في المضغ والبلع تسبب مشقةً في تناول الطعام، يمكن لاختصاصي التغذية تقديم نصائح بشأن التغذية المناسبة أو المكملات الغذائية أو الأساليب الخاصة للتغذية للمساعدة في الحفاظ على وزن الجسم.

الأجهزة المساعدة

مع تقدم حالة التصلب الجانبي الأولي، يمكن أن يقيم اختصاصيو العلاج الطبيعي أو المهني المريض دوريًّا لتحديد مدى حاجته إلى استخدام أجهزة مساعدة كالدعامة أو العكاز أو المشاية أو الكرسي المتحرك. ويمكن لأجهزة التكنولوجيا المساعدة أن تعين المريض على التواصل مع الآخرين.


من المتوقع أن تشعر بالإحباط بسبب الإصابة بالتصلُّب الجانبي الأولي، وهو شعور طبيعي. من الصعب التعامل مع حقيقة الإصابة بمرض عضال، وغير قابل للعلاج. انتبهْ لهذه النصائح لتتكيَّف مع المرض وآثاره:

  • اطلب الدعم النفسي. يمكن أن تمثل العائلة والأصدقاء أيضًا مصادر عظيمة للمواساة والدعم أثناء التكيف مع الجوانب العاطفية الناتجة عن المرض طويل الأجل. لأن تشخيص التصلُّب الجانبي الأولي غير شائع، قد يصعب العثور على مجموعات الدعم المحلية للأشخاص المصابين بنفس حالتك. على الرغم من ذلك، ستجد بعض مجموعات المناقشة على الإنترنت متاحة. قد تساعدك متابعة أشخاص آخرين في طريقتهم للتغلب على المرض. قد يفيدك فريق الرعاية الصحية ببعض المقترحات.
  • اطلب المساعدة المتخصصة إذا احتجت إليها. عندما تتعرّض للأمراض المزمنة، من الطبيعي أن تصبح مهمومًا في بعض الأوقات. احرص على الحصول على المشورة المهنية حتى ترى الأمور من زاوية أخرى أو إذا كنت مصابًا بالاكتئاب وتحتاج إلى نصيحة بشأن العلاج.
  • تعرَّف على المصادر المتاحة لك، واستخدمها. إذا وصلت لمرحلة أن يُحجّم المرض أنشطتك بشكل واضح، اسأل الطبيب عن المعدات المصمَّمة لمساعدتك على التصرُّف باستقلال. بالإضافة إلى ذلك، تتوافر الخدمات الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة من جميع الفئات. حاول أن تتعلَّم كل ما تستطيع الوصول إليه عن طريق المصادر المتاحة. في بعض الأحيان، يُمكن أن يُساعدكَ الاعتماد على المجتمع المحيط بكَ في تقوية الروابط بطرق جديدة.


التحديث الاخير:

October 28th, 2021

© 1998-2022 مؤسسة Mayo للتعليم والأبحاث الطبية (MFMER). كل الحقوق محفوظة.
شروط الاستخدام