متلازمة مارفان


يُؤثِّر هذا الاضطراب الوراثي على الهيكل العظمي والعينين. كما يمكن أن يُسبِّب الضرر أيضًا للأوعية الدموية الكبيرة التي تحمل الدم من القلب إلى بقية الجسم.


متلازمة مارفان هي اضطرابٌ وراثي يؤثر في النسيج الضام، وهو الألياف التي تدعم وتثبِّت أعضاءك وهياكل جسمك الأخرى. وتُصيب متلازمة مارفان بشكل أكثر شيوعًا القلب والعينين والأوعية الدموية والهيكل العظمي.

يتميز الأشخاص المصابون بمتلازمة مارفان عادةً بطول القامة، ونحول الجسم، وبأذرع وسيقان وأصابع أيدي وأصابع أقدام طويلة بشكل غير عادي. ويمكن أن يكون الضرر الذي تسببه متلازمة مارفان بسيطًا أو شديدًا. إذا تأثَّر الأبهر، وهو الوعاء الدموي الكبير الذي ينقل الدم من قلبك إلى بقية أجزاء جسمك، فقد تصبح هذه الحالة مهدِّدة للحياة.

قد يتضمن العلاج عادةً تناول أدوية تعمل على إبقاء مستوى ضغط الدم منخفضًا لتقليل الضغط على الأبهر. ومن الضروري مراقبة الحالة بشكل منتظم للتحقق من معدل تفاقم الضرر. ويحتاج العديد من مرضى متلازمة مارفان في النهاية إلى جراحة وقائية لترميم الأورطي.


قد تختلف علامات وأعراض متلازمة مارفان اختلافًا كبيرًا، حتى بين أفراد العائلة الواحدة؛ لأن هذا الاضطراب يمكن أن يؤثر على العديد من مناطق الجسم المختلفة. بعض الأشخاص لا تظهر عليهم سوى آثار خفيفة، بينما يُصاب البعض الآخر بمضاعفات مهدِّدة للحياة.

قد تشمل سمات متلازمة مارفان ما يلي:

  • الهيكل الطويل والنحيف
  • طول الذراعين والساقين والأصابع بطريقة غير متسقة
  • بروز عظم الصدر إلى الخارج أو انغماسه إلى الداخل
  • الحنك المرتفع والمتقوِّس وازدحام الأسنان
  • النفخات القلبية
  • قِصَر النظر المفرط
  • انحناء العمود الفقري بشكل غير طبيعيٍّ
  • الأقدام المسطَّحة

متى تزور الطبيب؟

إذا كنتَ تعتقد أنكَ أو طفلكَ مصاب بمتلازمة مارفان، فتحدَّثْ إلى طبيبكَ أو طبيب الأطفال. إذا اشتبه طبيبكَ في وجود مشكلة، فمن المحتمَل أن يحيلكَ إلى اختصاصي لإجراء مزيد من التقييم.


تنتج متلازمة مارفان عن مشكلة في الجين الذي يمكّن الجسم من إنتاج البروتين الذي يساعد الأنسجة الضامة في الحفاظ على مرونتها وقوتها.

ويرث معظم الأشخاص المصابون بمتلازمة مارفان الجين الشاذ من الوالد المصاب بالمتلازمة. فيُحتمل أن يرث الطفل المولود لأب أو أم مصابين الجين المعيب بنسبة 50%. ولدى 25% من الأشخاص المصابين بمتلازمة مارفان، لا يكون الجين الشاذ موروثًا من أي من الوالدين. وفي تلك الحالات، تتطور طفرة جديدة من تلقاء نفسها.


تصيب متلازمة مارفان الرجال والنساء على السواء وتحدث بين جميع الأعراق والجماعات الإثنية. يُعد أكبر عامل من عوامل الخطر للإصابة بمتلازمة مارفان أن يكون أحد الوالدين مصابًا بالاضطراب لأنها حالة وراثية.


نظرًا لأن متلازمة مارفان يُمكن أن تُؤثِّر على أي جزء من جسمكَ تقريبًا، فقد تتسبَّب في مجموعة متنوِّعة من المضاعفات.

مضاعفات القلب والأوعية الدموية

تصيب المضاعفات الأخطر لمتلازمة مارفان القلب والأوعية الدموية. يمكن أن تضعف الأنسجة الضامة الشريان الأورطي - الشريان الكبير الذي يخرج من القلب ويزود الجسم بالدم.

  • تمدُّد الأوعية الدَّموية الأبهري. يمكن أن يتسبب ضغط الدم الخارج من قلبك في انتفاخ جدار الشريان الأبهري، مثل منطقة ضعيفة في إطار سيارة. من المحتمل بشكل كبير أن يحدث ذلك في الجذر الأبهري — حيث يغادر الشريان القلب — لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة مارفان.
  • تسلّخ الأبهري. يتكون جدار الشريان الأورطي من طبقات متعددة. ويحدث التسلُّخ عندما يسمح تمزق صغير في الطبقة الداخلية لجدار الشريان الأورطي للدم بالانضغاط بين الطبقات الداخلية والخارجية للجدار. ويمكن أن يسبب هذا ألمًا شديدًا في الصدر أو الظهر. إن تسلّخ الأبهري يضعف بنية الوعاء ويمكن أن يؤدي إلى تمزق قد يكون قاتلًا.
  • تشوهات الصمام. قد يكون لدى المصابين بمتلازمة مارفان نسيج ضعيف في صمامات القلب. وقد يتسبب ذلك في تمدد نسيج الصمام وعدم انتظامه في العمل بشكل طبيعي. عندما لا تعمل صمامات القلب بشكل صحيح، يجب أن يعمل قلبك غالبًا على بذل المزيد من الجهد للتعويض. وقد يؤدي هذا في نهاية المطاف إلى فشل القلب.

مضاعفات العين

قد تشمل مضاعفات العين:

  • انتباذ "خلع" العدسة. يمكن أن تخرج عدسة التركيز الموجودة داخل عينك عن المكان إذا ضعفت هياكلها الداعمة. المصطلح الطبي لهذه المشكلة هو انتباذ العدسة، ويحدث في أكثر من نصف الأشخاص المصابين بمتلازمة مارفان.
  • مشاكل الشبكية. تزيد متلازمة مارفان أيضًا من خطر حدوث انفصال أو تمزُّق في شبكية العين، وهو النسيج الحساس للضوء الذي يبطِّن الجدار الخلفي للعين.
  • بداية الزرق أو إعتام عدسة العين. يميل الأشخاص الذين لديهم متلازمة مارفان إلى تطوير مشاكل العين هذه في سن صغيرة. يسبِّب الزَرَق زيادة الضغط داخل العين؛ ممَّا قد يؤدي إلى تلف العصب البصري. إعتام عدسة العين هي مناطق غائمة في عدسة العين تكون بالطبيعة صافية.

مضاعفات الهيكل العظمي

تَزيد متلازمة مارفان من خطر حدوث منحنيات غير طبيعية في العمود الفقري، مثل الجنف. يُمكِن أن تتدخَّل أيضًا بالنمو الطبيعي للأضلاع، والتي يُمكن أن تتسبَّب في بروز عظمة الصدر أو غرقها في الصدر. تَشيع الإصابة بآلام القدم وآلام أسفل الظهر مع متلازمة مارفان.

مضاعفات الحمل

قد تتسبب متلازمة مارفان في إضعاف جدران الشريان الأورطي، وهو الشريان الرئيسي الذي يخرج من القلب. يضخ القلب أثناء الحمل كمية من الدم أكبر من المعتاد. ويمكن أن يسبب هذا ضغطًا إضافيًّا على الشريان الأورطي، ما يزيد من خطر حدوث قطع أو تمزق قد يؤدي إلى الوفاة.


قد يمثل تشخيص الإصابة بمتلازمة مارفان تحديًا أمام الأطباء؛ ذلك أن العديد من اضطرابات الأنسجة الضامة لها العلامات والأعراض نفسها. بل إن علامات متلازمة مارفان وأعراضها تتباين — في سماتها ومدى شدتها — حتى بين أفراد العائلة الواحدة.

لا بد من وجود تركيبات معينة من الأعراض والتاريخ العائلي لتأكيد تشخيص الإصابة بمتلازمة مارفان. في بعض الحالات، قد تعتري شخص بعض خصائص متلازمة مارفان، ولكن ليس ما يكفي منها لتشخيص إصابته بالاضطراب.

فحوصات القلب

أحد أولِ الفحوصاتِ التي قد يوصي بها الطبيبُ أو الطبيبةُ إذا اشتبه في مُتلازمةِ مارفان هو مُخطَّط صدى القلب. يَستخدمُ هذا الفحصُ الموجاتِ الصوتيةَ لالتقاطِ صورٍ لقلبكَ في الزمنِ الحقيقي وهو يتحرك. فهو يفحصُ حالةَ صماماتِ القلبِ لديكَ وحجمَ الشريانِ الأبهر. تتضمَّن خياراتُ تصويرِ القلبِ الأُخرى؛ التصويرَ المَقطعي المُحوسَب (CT) والتَّصويرَ بالرَّنين المغناطيسي (MRI).

ستحتاج إلى فحوصاتِ التصويرِ بانتظامٍ، إذا شُخِّصَت إصابتكَ بمتلازمةِ مارفان، لمراقبةِ حجمِ الشريانِ الأبهر وحالته.

اختبارات العين

تتضمن فحوص العين التي ربما تستدعي الحاجة القيام بها:

  • فحص المصباح الشقي. يقوم هذا الاختبار بفحص خلع العدسات، أو إعتام عدسة العين أو انفصال الشبكية. سيحتاج الأمر إلى توسيع عينيك بالكامل بواسطة القطرات لإجراء هذا الفحص.
  • اختبار ضغط العين. لإجراء فحص الزَرَق (المياه الزرقاء)، ربما يقوم طبيب العيون بقياس الضغط داخل مقلة العين من خلال لمسها بأداة خاصة. عادةً ما يتم استخدام قطرات مخدرة للعين قبل هذا الاختبار.

اختبارات الجينات الوراثية

غالبًا يُستخدم اختبار الجينات لتأكيد تشخيص متلازمة مارفان. وإذا ثبت تشخيص طفرة مارفان، فيمكن فحص باقي أفراد الأسرة لمعرفة إذا ما كانوا مصابين أيضًا أم لا. وقد يلزم كذلك التحدث إلى أحد استشاريي الوراثة قبل تكوين أسرة لمعرفة احتمالات سريان متلازمة مارفان وراثيًا إلى أبنائك المستقبليين.


على الرغم من عدم وجود علاج لمتلازمة مارفان، يُركز العلاج على الوقاية من المضاعفات المختلفة لهذا المرض. لتحقيق هذا الأمر، ينبغي الخضوع للفحوصات بانتظام لمعرفة مدى تقدم علامات التلف الذي تسبب فيه المرض.

في الماضي، كان الأشخاص المصابون بمتلازمة مارفان غالبًا ما يتوفون في سن صغيرة. ومع المتابعة المنتظمة والعلاج الحديث، يمكن الآن أن يتوقع معظم المصابين بمتلازمة مارفان العيش مدة حياة طبيعية.

الأدوية

يصف الأطباء في كثير من الأحيان أدوية خفض ضغط الدم للوقاية من تمدد الشريان الأبهر والحد من خطورة التسلخ والتمزق.

العلاج

غالبًا ما يمكن تصحيح مشاكل الرؤية المرتبطة بالعدسة المخلوعة في عينيك باستخدام النظارات أو العدسات اللاصقة.

الإجراءات الجراحية وغيرها من الإجراءات

قد تشمل الإجراءات ما يلي، تبعًا للعلامات والأعراض التي تظهر عليك:

  • إصلاح الأورطي. إذا بلغ قُطر الأورطي نحو بوصتين (50 ملليمترًا) أو إذا تمدَّد بسرعة، فقد يُوصي طبيبك بإجراء عملية لاستبدال جزءٍ من الأورطي بأنبوب مصنوع من مادة اصطناعية. ويمكن أن يساعد هذا الإجراء منع حدوث تمزُّقٍ قد يهدد حياتك. وقد تحتاج كذلك إلى استبدال الصمام الأبهري.
  • علاج الجنف. عندما يكون الجنف ملحوظًا، فمن الضروري استشارة أحد اختصاصيي العمود الفقري. إذ تتطلَّب بعض الحالات تدعيم العمود الفقري أو إجراء جراحة.
  • تصحيحات عظمة الصدر. تتوفَّر الخيارات الجراحية لتصحيح مظهر عظمة الصدر الغائرة أو البارزة. وقد لا يُغطِّي تأمينكَ تكاليف هذه العمليات؛ لأنها تكون لأغراض تجميلية غالبًا.
  • جراحات العين. يُعد الإصلاح الجراحي خيارًا ناجحًا عادةً إذا كانت أجزاء من الشبكية قد تمزَّقت أو انفصلت عن الجزء الخلفي من عينيكَ. وإذا كنت مصابًا بإعتام عدسة العين، فيمكن استبدال العدسة الغائمة بأخرى اصطناعية.

قد تحتاج إلى تجنب الرياضات التنافسية وبعض الأنشطة الترفيهية إذا كنت معرضًا لخطر متزايد من الإصابة بتمزق أو تسلخ الشريان الأبهر. تشكل حالات ارتفاع ضغط الدم، الشائعة في أنشطة مثل رفع الأثقال، عبئًا إضافيًا على الشريان الأبهر. تعتبر الأنشطة الأقل شدة — مثل المشي السريع أو البولينغ أو التنس الزوجي أو الجولف — أكثر أمانًا بشكل عام.


قد يكون التعايش مع اضطراب وراثي تجربة شديدة الصعوبة لكلٍّ من البالغين والأطفال. البالغون الذين يُشخَّصون بذلك في مرحلة متأخرة من حياتهم قد يتساءلون كيف سيؤثِّر هذا المرض في عملهم وعلاقاتهم وشعورهم تجاه ذواتهم. كما يقلقون من نقل جين هذا العيب الوراثي إلى أطفالهم.

غير أن الإصابة بمتلازمة مارفان قد تكون تجربة أصعب للأشخاص الأصغر عمرًا، وهذا بالأخص يرجع إلى أن الوعي بالذات، الذي يكون فطريًّا في الأغلب في الطفولة والمراهقة، قد يفاقمه تأثير المرض في الشكل والأداء الأكاديمي والمهارات الحركية.

مساعدة الأطفال على التأقلم

يستطيع الآباء والمعلمون والمهنيون الطبيون بالتعاون معًا تقديم الدعم العاطفي والحلول العملية للأطفال بشأن بعض جوانب المرض الأكثر إثارة للقلق. على سبيل المثال، قد يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة مارفان من صعوبات في المدرسة لوجود مشاكل في الإبصار يمكن تصحيحها باستخدام النظارات أو العدسات اللاصقة.

لا تقل المخاوف التجميلية أهميةً عن المخاوف الأكاديمية لدى معظم الشباب. ويمكن للوالدين المساعدة في هذا الأمر عن طريق توقع تلك المخاوف وتقديم حلول لها، مثل اقتراح ما يلي:

  • ارتداء عدسات لاصقة بدلاً من النظارات
  • دعامة للجنَف
  • تعديلات أسنان لعلاج تزاحم الأسنان
  • ارتداء ملابس تظهر الجسم النحيف والطويل أكثر جمالاً أو جاذبية

يمكن أن تصيب متلازمة مارفان العديد من أعضاء الجسم المختلفة، لذا قد تحتاج إلى زيارة أطباء من تخصصات مختلفة، مثل:

  • طبيب قلب، وهو طبيب متخصص في علاج اضطرابات القلب والأوعية الدموية
  • طبيب عيون، وهو طبيب متخصص في علاج اضطرابات العيون
  • جرّاح تقويم عظام، وهو طبيب متخصص في علاج المشاكل الهيكلية في العظام
  • طبيب أمراض وراثية، وهو طبيب متخصص في علاج الاضطرابات الوراثية

لتحقيق أقصى استفادة من وقت الزيارة الطبية، استعد لها مسبقًا، ودوِّن المعلومات المهمة، بما في ذلك:

  • وصف تفصيلي لكل أعراضك
  • تفاصيل تاريخك الطبي، بما في ذلك أي عمليات جراحية سابقة
  • الأشعة السينية وتقارير مخططات صدى القلب السابقة، والتي عادةً ما يمكن إرسالها إلكترونيًا
  • قائمة بجميع الأدوية والمكملات الغذائية التي تأخذها

ما الذي تتوقعه من طبيبك

سيرغب جميع أطبائك أن يسمعوا عن أعراضك المحددة، وما إذا كان أي شخص في عائلتك مصابًا بمتلازمة مارفان أو تعرض لإعاقة أو وفاة مبكرة وغير مفسرة تتعلق بالقلب.



التحديث الاخير:

October 19th, 2021

© 1998-2022 مؤسسة Mayo للتعليم والأبحاث الطبية (MFMER). كل الحقوق محفوظة.
شروط الاستخدام